مقال نشرته في الفيسبوك يوم 21 مايو 2014, لم اكن "ارمي الودع ولا اقرأ الكف" ولكن النظر لما حدث في تاريخ العالم من قبل كان خير دليل لمعرفة خطورة ادخال مرتزقة حميدتي للخرطوم. اليوم 27 سبتمبر 2024 و المعارك تدور في الخرطوم بعد ان احتلتها قوات حميدتي واحتلت منطقة الجزيرة ومدني و اجزاء واسعة من اقليم دارفور, هذه الحرب خطأ الانقاذ.
"قوات حميدتي في الخرطوم ارهاب للشعب
من الاخبار المحزنة الكثيرة التي تتواتر من الخرطوم, كان خبر قرار جهاز امن نظام الانقاذ نشر عدة ألوية من قوات "العميد" حميدتي. حميدتي لا عسكري و لا عميد, بل تاجر-كما قال هو نفسه- سلحته الحكومة ضمن من سلحت في دارفور لتضرب اهلها ببعضهم البعض. نشر قوات حميدتي في الخرطوم جاء بقرار من جهاز الامن الذي انهى حربه الطويلة على الجيش السوداني منذ مجئ الانقاذ باضعاف الاخير لدرجة انه ما عاد قادر على حماية الخرطوم. اكثر من ذلك غير قادر على السيطرة على المليشيات التي صارت ترتع في السودان بلا رقيب و لا حسيب. كنت قد نبهت, و بح صوتي, و في مناسبات كثيرة ان اضفاء اية شرعية على اية مليشيا سواء اكانت من جانب الحكومة او المعارضة, سيكون ذلك طعنة نجلاء في قلب الحركة الجماهيرية المتصاعدة ضد الانقاذ. كل المليشيات في النهاية لن تخدم الا اغراض قادتها.
الجيش الروماني تحت قيادة يوليوس قيصر, و بعد فتح بلاد الغال-فرنسا حاليا-لم يكن ولائه لروما, و انما كان لقيصر الذي اطعم ضباطه و جنوده و سقاهم, و عندما سولت له نفسه السطو على الحكم, اخذ الجيش و حشده على بوابة روما ليبتز بها السينيت, و الباقي تاريخ مقروء. نابليون بونابرت فعل نفس الشئ. التاريخ و كما قال ماركس:" اذا اعاد نفسه, فسيكون مأساة في المرة الاولى و ملهاة في الثانية". الان نحن نعيش في عصر الملهاة.
الجيش السوداني, و الذي يعتبر من اكثر جيوش القارة الافريقية, و ربما في العالم, خبرة في الحرب-ظل تقريبا في حالة حرب منذ الاستقلال- صار "الغنماية تاكل عشائه". اصبح ضباطه مجرد نمور ورق, تتلألأ الدبابير على اكتافهم و لا يهشون الذباب عن شرف البلاد الذي مرمغته الانقاذ في التراب. الجيش السوداني لا يستطيع الدفاع عن بورتسودان التي جعلتها دوريات الطيران الاسرائيلي جزء من روتينها اليومي, و لا يستطيع ان يدافع عن المياه الاقليمية التي تفتشها البوارج الاسرائيلية كما تفتش ميناء حيفا, و لا يطلق رصاصة في اتجاه حلايب و لا الشلاتين اللتين سيطرت عليهما مصر عنوة و اقتدار, و لا يستطيع الدخول في الفشقة التي ضمتها اثيوبيا. الان الجيش السوداني لا يستطيع ان يرفع اصبع الرفض امام حميدتي الذي امعن في اذلال الجيش بقوله:"لما الحكومة تسوي ليها جيش تجي تتكلم", حميدتي اصبح حامي حمى الانقاذ في الخرطوم.
طبعا لم يتخذ جهاز أمن الانقاذ خطوة تكليف حميدتي بحماية دولته في الخرطوم عن فراغ. حكومة المؤتمر الوطني فشلت و بجدارة في صون وحدة السودان, و فشلت في فرض الامن و سيطرة الدولة على ما تبقى بعد انفصال الجنوب. هناك اجزاء واسعة في دارفور و جبال النوبة و الانقسنا تسيطر عليها مليشيات محلية, لا تأبه بالجيش, بل بعضها سن دساتير لحكم المناطق التي تسيطر عليها. ببساطة صار السودان عدة دول في اطار الشبح المتبقى بعد ما نحرته مؤامرات المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية. و كل ذلك لأن الجيش قد تم تدجينه, و اخصائه, بوضع قيادته في ايد عناصر تفتقر للكفاءة العسكرية و تدين بالولاء للمؤتمر الوطني و لا غيرة لها على الجيش و لا سمعته. الان الجيش اصبح مجرد خيال ماّتة "لا يهش و لا ينش" حتى على مستوى حماية العاصمة. لكن كما يقال "التسوي كريت في القرض, تلقاه في جلدها شوك", واضح الان ان المؤتمر الوطني بات لا يستطيع تأمين الخرطوم, فأستجلب قوات حميدتي خوفا من الشعب.
المؤتمر الوطني و الذي حاول ان يرشي الشعب بما اسماه "حوار الوثبة", تلك المحاولة "بنصف قلب" ولدت ميتة على يد الطغمة, و وأدها غول الظلام, بأعتقال السيد الصادق المهدي, اكبر مؤيدي الحل السلمي في السودان, و ايداعه السجن بتهم قد تصل الاعدام. الاجراء الاخير اصاب المؤتمر الوطني بالهلع و الذعر فتلفت يمنة و يسرى و لم يجد بد من استئجار قوات يعرف انها لن تتواني في اراقة دم الناس بابشع مما فعلت في سبتمبر 2013. لكن الي متى يستمر سكوت ضباط الصف و جنود الجيش؟
ضباط الصف و جنود الجيش السوداني جزء اصيل من الشعب الذي يعاني تحت وطأة الانقاذ, ينامون جوعى كما اغلبية الشعب, و يقاسون الفاقة و ضنك العيش, و الان تحاول الانقاذ مرمطة شرفهم المهني باهانة جيش السودان و الاستهانة بسمعته و تجريده من دوره. ننتظر رد من هولاء الاشاوس يؤكدون فيه وقوفهم الي جانب الشعب ."