سوداني اونلاين
"النهر ما بستأذن الصخرة المرور, والنجمة ما بتستاذن الطلعة الضلام"!
"النهر ما بستأذن الصخرة المرور, والنجمة ما بتستاذن الطلعة الضلام"!
بقلم بدرالدين احمد موسى الفيصل
لماذا هذه الصفحة؟!
"المستحيل يخلو الفؤاد من حلمه بالوطن الجميل,
النهر ما بستأذن الصخرة المرور, و النجمة ما بتستأذن الطلعة الضلام"
للابيات اعلاه صدى خاص في نفسي ومعاني عميقة تتعلق بقراري انشاء هذه الصفحة. ايام كنا طلبة في الجامعة, وكنا ننتمي لتنظيم الجبهة الديمقراطية, كنا نعقد حلقات للنقاش للطلاب نطرح فيها رأي التنظيم في الراهن السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي. وكنا ندعو الطلاب لتلك الحلقات بالمرور بالداخليات واركان الكلية. وعادة ما يقوم بذلك اثنان منا, وكنت احب ان انشد هذه الابيات كمقدمة للنداءات التي ندعو بها الطلاب لحضور اركان النقاش,. واظنها توليفة من قصائد مختلفة, ولكني متأكد ان "النهر ما بستأذن الصخرة المرور" من قصيدة لشاعر الشعب, محجوب شريف. الابيات تمثل المرونة في وجه التعصب و القوة و المثابرة والاصرار على ما يريده الانسان. وما علاقة ذلك بهذه الصفحة؟ قد يقول قائل!
بعد سيطرة الجبهة القومية الاسلامية على السلطة وبعد خروج الالاف من افراد الشعب لخارج السودان, وانا منهم, وبعد ظهور الانترنت و اكتشاف الناس لاحتمالات استعمال امكانات الشبكة العنكبوتية في ايصال المعلومات, بادر بعض السودانيون بانشاء صفحات على الشبكة العنكبوتية وتنادى الناس للمشاركة في تلك الصفحات بالنقاش والكتابة لبلورة نشاط مناوئ لديكتاتورية الانقاذ, ومن اجل تنظيم الجهود من اجل الاطاحة بها. من الصفحات التي شاركت فيها كانت سودانيزاونلاين وكتبت مقالات نشرتها في الراكوبة وسودانايل, و تجنبت بعض المواقع الاخرى التي برزت فيها النزعات الديكتاتورية ومصادرة الرأي.
بعد اتفاقية نيفاشا, كانت للسودانيين امال عراض في ان الحركة الشعبية ستكون سند للعملية الديمقراطية في السودان, لكن سرعان ما ذهبت تلك الامالي ادراج الرياح بعد ظهور النزعات الانفصالية لدى قيادة الحركة الشعبية, والتي قادت في النهلية للانفصال. واصلت الحركة الشعبية في الشمالي نفس النهج بالاعتماد على البندقية بدل السياسة, واندلعت الحرب في جبال النوبة و الانقسنا. افترعت عدد من البوستات اندد بذلك السلوك المدمر و للتحذير من ان ذلك سيكون وبالا على السودان (وهل كنت مخطئ والان الحرب في الخرطوم و الجزيرة بواسطة مليشيا ربما لم تكن لترى النور لولا اصرار الحركة الشعبية على ركوب البندقية للوصول للسلطة؟). لم تعجب ارائي اعضاء ومؤيدي ومعجبي الحركة الشعبية, وصرت هدفا لهجومهم ثم تطورت الي حذف البوستات التي افتحها في سودانيزاونلاين, فقررت ترك ذلك المنبر. المنابر الاخرى-الراكوبة وسودانايل- قررت, في نفس الوقت, وقف نشر كتاباتي. اكثر من ذلك تم حذف اغلب المشاركات التي نشرتها من قبل في بعضها. كل تلك الصفحات كانت ترفع شعارات حرية الرأي و الديمقراطية, و تدين ما كانت تقوم به الانقاذ من تكميم للافواه والاعتداء على حرية الرأي! لكن "الغافل من ظن الاشياء هي الاشياء" "فخلف كل قيصر يموت, قيصر جديد" وديكتاتور يطمح في وراثة الطغيان. لكن كان هناك الفيسبوك! فتحولت للكتابة في الفيسبوك و المشاركة في النقاشات الدائرة, لكن"السالم فشفاشو وارم"
لهذه المقولة-السالم فشفاشو وارم- ذكرى خاصة في نفسي. فعندما كنا في الصف الثالث الثانوي في مدرسة امدرمان الاهلية الثانوية العليا, كان يجاورني في الفصل عصام كشة, وكان مهذارا يحب الدعابة و الشقاوة, كنت عكسه, اميل الي الهدوء والجدية. استاذ التربية الاسلامية انغش بما ظهر له مني من الجدية والصرامة. في احد الايام واثناء الحصة وبعد ان التفت استاذ التربية للسبورة ليكتب الدرس, فما كان من عصام كشة الا ان ادخل اصبعه في اذني وانخرطنا في صراع-هذار, وانتبه الاستاذ والتفت ناحيتنا ليجدنا مشتبكان في هرج ومرج ومصارعة. احبط الاستاذ ايما احباط وهو يرى احد تلاميذه "المثاليين" في لحظة شغب اثناء حصة الدين. نظر ناحيتي وتمتم "السالم فشفاشو وارم!" لن استطيع ان اصف للقارئ مدى الحزن والاحباط في نظرته وصوته. نفس احباط ذلك الاستاذ انتابني في ديسمبر الفائت من سلوك ادارة الفيسبوك.
بعد ايقافي من المشاركة في عدد من الصفحات السودانية, اكتفيت بالمشاركة في الشأن العام من خلال الفيسبوك. و الفيسبوك و تويتر يفتخران بانهما كانا الساحة الرئيسية التي نظم فيها المناضلون العرب نضالهم, من اجل الحرية والديمقراطية وضد الديكتاتوريات التي جثمت سنين عددا على صدور الشعوب العربية وكتمت انفاسها, الفيسبوك كان الساحة التي مكنت المناضلون تنظيم انفسهم وشعوبهم ابان ما يعرف بالربيع العربي نشاطهم لاقتلاع الانظمة الديكتاتورية في مصر والجزائر وتونس وسوريا وليبيا. لكن هل تستحق الفيسبوك ذلك الشرف؟
مع الاحداث الجارية في غرة في فلسطين المحتلة بعد 15 اكتوبر,2023 , كان من الطبيعي ان اؤيد الفسلطينيين وحقهم في الحرية. موقفي ليس جديد, فأول موقف سياسي اتخذه في حياتي وانا حرفيا طفل (بين الرابعة والخامسة من العمر) كان في العام 1967. عندما هزمت اسرائيل مصر وسوريا ابان النكبة, اتذكر كنا, ونحن اطفال, نحمل اعواد من الخشب ونركض في شوارع حارتنا ونحن نهتف "يا رجال العرب, فلسطين تناديكم"! فليس غريبا ان اكرس صفحتي في الفيسبوك لدعم القضية الفلسطينية وانا كهل. لكن ذلك لم يعجب ادارة الفيسبوك, فقررت شطب حسابي. موقف الفيسبوك وهي تدعي انها ساحة لحرية الرأي و الدفاع عن الديمقراطية ومحاولتها سرقة شرف انجازات الثوار العرب في الربيع العربي, ثم موقفها وهي تصادر حرية الرأي وتمنع نشر اي صورة او مكتوب يدافع عن حق الفلسطينيين في النضال المسلح ضد اسرائيل جعلها مثل موقف الفرعون الذي مشى امام سائر شعبه عاريا وهو يظن انه يلبس اجمل حلة من اللباس. اذن نقول للفيسبوك "السالم فشفاشو وارم"!
اذن بعدما اكتشفت حقيقة ديمقراطية المنابر السودانية و انهم لا يختلفون عن الانقاذ في شئ, من حيث حب السيطرة على الاخر, و مصادرة الرأئ, بل ومنعه, وبعد ان انزاحت عن نظري غشاوة تصديق ان الفيسبوك منبر للنضال من اجل الحرية والديمقراطية, قررت ان افتح صفحة خاصة بي. ف"النهر ما بستأذن الصخرة المرور, و النجمة ما بتستأذن الطلعة الضلام".
اعرض افكاري هنا بحرية ومسئولية, ارائي هي فقط ارائي في المواقف المعينة, لا ادعي انها حقائق مطلقة افرضها على الناس او مقدسة. ما اعرضه قابل للنقد و التفنيد وللاخرين ان يرفضوه اذا رأوا ذلك, لكنها تعبر عما افكر فيه واريد ان اتشاركه مع الناس. بعضها قد يعجب البعض, ونفس تلك قد لا تعجب اخرين. فانا لا احب الزوايا المستديرة ولست من المؤمنين بفقه التقية. ساقول ما افكر فيه بصراحة و بلا مواربة. ستكون هناك اخبار اعتقد باهميتها, سأنشر كتابات وتعليقات على الاحداث و المواقف ومقالات كتاب قد ارى ان من المفيد ان اناقش افكارهم. حاولت ان اجد مقالاتي التي نشرتها في الصفحات السودانية سابقا, بعضها اختفى ووجدت بعضها, سأرفعها هنا تحت باب مقالات قديمة.
ارحب بمن زار الصفحة, ان اعجبك ما اكتب ارجوك ان تشاركه مع الاخرين, واذا لم يعجبك رأيي ستجد بريدي الاكتروني مرفقا, راسلني, ربما نتناقش و نتفهم نقاط خلافنا واتفاقنا. ارجو ان يجد فيها الناس ما يدعوهم لزيارة الصفحة مرات اخرى!
تفضلوا!
badreldinmusa1@gmail.com
------------------------------------------------------------------------------------------
#الراكوبة
#سودانيزاونلاين
#سودانايل
#الحركة الشعبية قطاع الشمال